الأحد، 30 ديسمبر 2018

حكم تاريخى لمحكمة النقض فى قضية انضمام للتنظيم الشيوعى

القضیة رقم 1394 سنة 20 القضائیة
جلسة 17 إبریل سنة 1951
بریاسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا                                   رئیس المحكمة,
وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فھمي إبراھیم بك وكیل المحكمة وأحمد حسنى بك, وحسن إسماعیل الھضیبي بك, وفھیم إبراھیم عوض بك, المستشارین. ( أ )
 تفتیش. إذن من الحاكم العسكري بتفتیش سكن شخص على أن لھ نشاطاً صھیونیاً والحرب قائمة بین مصر والصھیونیین. صحیح. (ب) المراسیم التي تصدرھا السلطة التنفیذیة بین دوري الانعقاد. عدم دعوة البرلمان لاجتماع غیر عادي لعرض ھذه المراسیم علیھ. لا جزاء علیھ. (جـ) شیوعیة. المرسوم رقم 117 سنة 1946 .القول ببطلانھ مخالفتھ المادة 14 من الدستور. غیر سدید. 1 - إن إذن التفتیش الصادر من الحاكم العسكري بتفتیش مسكن شخص على أساس أن لھ نشاطاً صھیونیاً ذلك لا یقدح في صحة القول بعدم تعلق موضوع ھذا الإذن بسلامة الجیوش المحاربة في فلسطین بل إن ھذا القول لا وجھ لھ ما دام الثابت بالحكم أن الإذن قد بني على ما جاء بتحریات البولیس من أن ذلك الشخص من الیھود ذوي النشاط الصھیوني والحرب وقتئذ كانت قائمة بین مصر والصھیونیین. 2 - إن المادة 41 من الدستور وإن أوجبت دعوة البرلمان لاجتماع غیر عادي لتعرض علیھ المراسیم التي تصدرھا السلطة التنفیذیة بین دوري انعقاده بالاستناد إلیھا فإنھا لم ترتب جزاء على مخالفة ذلك كما فعلت بالنسبة إلى حالة عدم عرض تلك المراسیم على البرلمان في أول انعقاد لھ وحالة عدم إقرارھا من أحد المجلسین. 3 - إن القول ببطلان المرسوم بقانون رقم 117 سنة 1946 لمساسھ بما كفلھ الدستور من حریة الرأي والعقیدة لا وجھ لھ. إذ المادة 14 من الدستور حین نصت على أن حریة الرأي مكفولة قد أعقبت ذلك بأن الإعراب عن الفكر بالقول أو الكتابة أو بالتصویر أو بغیر ذلك یكون في حدود القانون, فإن حریة الإعراب عن الفكر شأنھا شأن ممارسة سائر الحریات لا یمكن قیامھا بالنسبة إلى جمیع الأفراد إلا في حدود احترام كل منھم لحریات غیره. وإذن فإن من شأن المشرع بل من واجبھ بمقتضى الدستور أن یعین تلك الحدود حتى لا یكون من وراء استعمال ھذه الحریات الاعتداء على حریات الغیر. وأحكام المرسوم السالف الذكر لا تمس حریة الرأي ولا تتجاوز تنظیم ممارسة الفرد لحریة التعبیر عن فكره ووضع الحدود التي تضمن عدم المساس بحریات غیره. الوقائع اتھمت النیابة العامة كلاً من: 1 - أیریك ادكر. 2 - البرت ترجمان "الطاعن". 3 - دكتور شریف حتاتھ. 4 - محمد كمال عبد الحلیم. 5 - الفرید زكي كوھین. 6 - موریس زكي كوھین. 7 - فرج الله إسكندر غبریال. 8 - محمد أبو الیزید رمضان. 9 - مصطفى كمال حرازي. 10 - شوقي بدروس الضبع. بأنھم بمحافظة الإسكندریة أولاً - انضموا إلى مؤسسة سریة بالمملكة المصریة تعمل على ھدم المبادئ الأساسیة للدستور المصري وقلب النظم الأساسیة الاجتماعیة والاقتصادیة في المملكة المصریة والقضاء على طبقة اجتماعیة وتغلیب طبقة على أخرى وكان استعمال القوة والإرھاب والوسائل الأخرى الغیر مشروعة ملحوظاً في ذلك وذلك عن طریق طبع نشرات وإعطاء دروس بقصد الوصول إلى إقامة حكم الطبقة العاملة بالقطر المصري والقضاء على طبقة الملاك والرأسمالیین والملكیة الخاصة لوسائل الإنتاج متوسلة إلى ذلك بنشر مبادئ لینین الثوریة وما تحض علیھ من استعمال العنف وتطبیقھا العمالي بروسیا ومتوسلة إلى ذلك أیضاً بإحداث الإضرابات وتحریض الطوائف على بعضھا والتحریض على بغض طائفة الملاك والرأسمالیین والازدراء بھا تحریضاً من شأنھ أن یكدر السلم العام - ثانیاً - حبذوا وروجوا علناً المذاھب التي ترمي إلى تغییر مبادئ الدستور الأساسیة وكذلك النظم الأساسیة للھیئة الاجتماعیة بالمملكة المصریة بالقوة والإرھاب وكل وسیلة أخرى غیر مشروعة وذلك بأن دعوا في محاضرات ودروس ونشرات ملخصة في المحضر وفي قائمة الشھود تحض على اعتناق المذاھب الشیوعیة بمصر بالأسلوب الثوري الذي نادى بھ لینین وما تھدف إلیھ من إقامة حكم الطبقة العاملة بالقطر المصري والقضاء على طبقة الملاك والرأسمالیین والملكیة الخاصة بوسائل الإنتاج مستعینین في ذلك بالتحریض على الإضراب والاعتصابات وتحریض الطوائف على بعضھا تحریضاً من شأنھ أن یكدر السلم العام - ثالثاً: حبذوا وروجوا علناً المذاھب التي ترمي إلى تغییر مبادئ الدستور الأساسیة والنظم الأساسیة للھیئة الاجتماعیة في المملكة المصریة بالقوة والإرھاب والوسائل غیر المشروعة وذلك بأن دعوا في نشرات ملخصة في المحضر وفي قائمة الشھود إلى تطبیق المذاھب الشیوعیة بالأسلوب الثوري الذي نادى به لینین وما تھدف إلیه من حكم الطبقة العاملة بالقطر المصري من القضاء على طبقة الملاك والرأسمالیین والملكیة الخاصة لوسائل الإنتاج مستعینین في ذلك بالتحریض على الإضراب والاعتصابات وتحریض الطوائف على بعضھا تحریضاً من شأنھ أن یكدر السلم العام. رابعاً: حرضوا علناً على بغض طائفة من الناس والازدراء بھا وكان من شأن ھذا التحریض تكدیر السلم العام وذلك بأن دعوا في النشرات والمحاضرات المشار إلیھا فیما تقدم إلى بغض طائفة الرأسمالیین والازدراء بھا ووصفھم بأنھم أعوان المستعمر وخلفاؤه وأن القضاء علیھم جزء من الكفاح الوطني ولا سبیل إلى التحرر إلا بإزالتھم من الوجود - وطلبت من قاضي الإحالة إحالتھم إلى محكمة جنایات الإسكندریة لمحاكمتھم بالمواد 98 - أ و98 - ب و171 و174 و176 من قانون العقوبات فقرر بذلك وفي أثناء نظر الدعوى بجلسة 2 مایو سنة 1949 طلبت النیابة العامة إحالة القضیة إلى المحكمة العسكریة العلیا لاختصاصھا طبقاً للأمر العسكري رقم 79 الصادر بتاریخ 27 مارس سنة 1949 فقررت المحكمة بالجلسة المذكورة إحالة القضیة إلى المحكمة العسكریة العلیا بحالتھا. فطعن المتھمون في ھذا القرار أمام محكمة النقض وبتاریخ 13 یونیھ سنة 1949 فقضت ھذه المحكمة بإعادة القضیة إلى محكمة الجنایات العادیة. أعیدت القضیة بعد ذلك إلى محكمة جنایات الإسكندریة وتقدم إلیھا المتھمون بثلاثة دفوع فرعیة وھي - أولاً: عدم قیام المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 الذي أضیفت بمقتضاه إلى قانون العقوبات المواد من 98 - أ إلى 98 - ھـ وأنھ بفرض اعتبار ھذا القانون قائماً فإنھ لا یجوز تطبیقھ لأن أحكامھ مخالفة لنصوص الدستور - وثانیاً: بطلان إجراءات التحقیق بطلاناً مطلقاً لأنھ لم یكن ھناك محل للسریة وحرمان المتھمین من حضور المحامین معھم - وثالثاً - بطلان إجراءات تفتیش مساكن المتھمین والقبض علیھم وبعد نظرھا فقضت فیھا حضوریاً بتاریخ 23 مارس سنة 1950 عملاً بالمواد 98 أ فقرة 3 و98 ھـ من قانون العقوبات بالنسبة للمتھم الثاني عن التھمة الأولى و50 - 2 من قانون تشكیل محاكم الجنایات بالنسبة لھ أیضاً عن باقي التھم المسندة إلیھ وكذلك لباقي المتھمین عن التھم المسندة إلیھم أولاً - بقبول الدفع المقدم من فرج الله إسكندر غبریال بشأن بطلان التفتیش وبرفض ماعدا ذلك من الدفوع المقدمة منھ ومن باقي المتھمین - ثانیاً: بمعاقبة ألبرت ترجمان بالسجن مدة ثلاث سنوات وبغرامة قدرھا خمسون جنیھاً ومصادرة الأشیاء المضبوطة لدیھ وذلك عن التھمة الأولى وبراءتھ من باقي التھم المسند إلیھ - ثالثاً: براءة إیریك ادلر ودكتور شریف حتاتھ ومحمد كمال عبد الحلیم والفرید زكي كوھین وموریس زكي كوھین وفرج الله إسكندر غبریال ومحمد أبو الیزید رمضان ومصطفى كمال حرازي وشوقي بدروس الضبع مما أسند إلیھم. فطعن المحكوم علیھ في ھذا الحكم بطریق النقض كما طعنت النیابة فیھ أیضاً... إلخ. المحكمة ... حیث إن النیابة العامة بنت طعنھا على عدم ختم الحكم في الثمانیة الأیام المحددة بالقانون, وإذ كان ھذا السبب وحده لا یكفي لنقض الحكم كما استقر على ذلك قضاء ھذه المحكمة - وقد مكنت الطاعنة من أن تقدم في خلال عشرة أیام كاملة ما . عسى أن یكون لدیھا من أسباب للطعن على الحكم فلم تقدم شیئاً. فیتعین إذن رفض طعنھا موضوعاً وحیث إنھ مبنى الطعن المقدم من الطاعن الآخر ھو أن الحكم المطعون فیھ إذ دانھ "بأنھ انضم إلى مؤسسة سریة تعمل على ھدم المبادئ الأساسیة للدستور المصري وقلب النظم الأساسیة الاجتماعیة والاقتصادیة والقضاء على طبقة اجتماعیة وتغلیب طبقة على أخرى وكان استعمال القوة والإرھاب والوسائل الأخرى الغیر مشروعة ملحوظاً فیھ" - قد جاء قاصراً وأقیم على ما لا سند لھ وأخطأ في تفسیر القانون وتطبیقھ وفي بیان ذلك یقول الطاعن إن المحكمة استندت إلى ما قالتھ عن ضبط بعض الأوراق لدیھ مع أنھ كان قد أنكر ھذا الضبط فكان یتعین علیھا أن تتعرض لھذا الإنكار وتبین الأدلة على ذلك الضبط وبخاصة وقد تسرب إلیھا الشك في سلامة ما قام بھ رجال البولیس السیاسي من إجراءات الضبط والتفتیش لدى متھمین آخرین قضت ببراءتھم - كما أن المحكمة في صدد تبریر إذن التفتیش الصادر عن مسكنھ قالت إنه بني على ما أدت إلیھ التحریات من أنه بوصفه إسرائیلیاً كان لھ نشاط صھیوني مع أن الثابت بالأوراق أن الإذن إنما بني على بلاغ ضده, بأنھ یقوم بالدعوة إلى الشیوعیة وعلى ما تضمنه المنشور الذي تقدم بھ الشاھد إلى البولیس وقد قرر رئیس القلم المخصوص نفسھ بالتحقیق أنھ استصدر الإذن من الحاكم العسكري على أساس النشاط الشیوعي لیس إلا - ثم إن المحكمة قد استخلصت من أقوالھ ما سمتھ اعترافاً منھ بانضمامھ لإحدى المنظمات الشیوعیة في حین أن قصارى ما یستخلص من ھذه الأقوال إنھ كان على اتصال بفرد واحد كان یلقي علیھ بعض الدروس توطئھ لانضمامھ إلى الحركة الشیوعیة بعد إتمام ھذه الدراسة وكان كل ما فھمھ منھا أن القائمین بالحركة في مصر یسعون لإیجاد حزب یعترف بھ للكفاح بالطرق المشروعة عن حقوق العمال. ویضیف الطاعن في صدد بطلان إذن التفتیش وما ترتب علیھ أنھ قد صدر من الحاكم العسكري اعتماداً على القانون رقم 73 لسنة 1948 مع أنھ لم یكن ھناك محل لتطبیق ھذا القانون لأنھ إنما یطبق في شأن ما تقتضیھ سلامة الجیوش المحاربة من إجراءات سریعة لدرء كل خطر عنھا. ولم یثبت في الدعوى أنھ كانت ھناك مؤامرة ضد رجال الجیش أو أي حركة موجھة إلیھم بل كان الأمر خاصاً بالنشاط الشیوعي وحده ولا علاقة لشيء منھ بالحرب الفلسطینیة وھذا كلھ یبطل الإذن الصادر من الحاكم العسكري لاختصاص النیابة العمومیة وحدھا بھ طبقاً للقانون. ثم إن المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1947 الذي طبقتھ المحكمة في حقھ باطل لعدم استیفائھ شروط صحتھ إذ أنھ صدر في عطلة البرلمان ولم یدع إلى اجتماع غیر عادي لعرضھ علیھ طبقاً للمادة 41 من الدستور مما كان مقتضاه أن تقضي المحكمة ببطلانھ أو على الأقل بعدم اعتباره قائماً وقابلاً للتطبیق ولا یحول دون استعمال ھذا الحق سوى إقرار البرلمان للقانون والثابت في الحكم أنھ لم یقره بعد, ومن جھة أخرى فقد خالف المرسوم حكم المادة 41 من الدستور من ناحیة مساسھ بصمیم ما كفلھ الدستور لأفراد الناس من حریة الرأي والعقیدة إذ تشترط المادة لصحة المراسیم التي تصدرھا السلطة التنفیذیة في عطلة البرلمان أن لا تكون أحكامھا مخالفة للدستور. وحیث إن الحكم المطعون فیھ بین واقعة الدعوى وذكر الأدلة التي استخلص منھا ثبوتھا وتعرض لدفاع الطاعن عن المضبوطات ففنده ولم یأخذ بھ كما عرض لأقوالھ في التحقیق واستخلص منھا ومن تلك المضبوطات ما انتھى إلیھ عن التھمة. ولما كان الأمر كذلك وكان ما استخلصتھ المحكمة من الوقائع المطروحة أمامھا استخلاصاً سائغاً مقبولاً وكان ما أوردتھ من ذلك من شأنھ أن یؤدي إلى النتیجة التي وصلت إلیھا فلا یكون ھناك محل لما یثیره الطاعن في ھذا الخصوص لأنھ لا یخرج في حقیقتھ عن المجادلة في تقدیر أدلة الدعوى مما تستقل بھ محكمة الموضوع ولا معقب علیھا فیھ - أما ما یثیره بشأن الإذن الصادر من الحاكم العسكري لعدم تعلق موضوعھ بسلامة الجیوش المحاربة في فلسطین فلا وجھ لھ إذ الثابت من أوراق ھذا الإذن - وقد أمرت المحكمة بضمھا تحقیقاً لوجھ الطعن - أن ما ورد بالحكم عنھا لم یخالف الواقع وقد ذكر فیھ "إنھ بني على ما جاء ببلاغ النقیب وتحریات البولیس من أنھ وزمیلھ من الیھود ذوي النشاط الصھیوني والحرب وقتئذ كانت قائمة بین مصر والصھیونیین ومن ثم كان اختصاص الحاكم العسكري" - وأما ما یقولھ من بطلان المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 لعدم استیفاء شرط دعوة البرلمان لدور غیر عادي فمردود بأن المادة 41 من الدستور وإن أوجبت دعوة البرلمان لاجتماع غیر عادي لتعرض علیھ المراسیم التي تصدرھا السلطة التنفیذیة بین دوري انعقاده بالاستناد إلیھا إلا أنھا لم ترتب جزاء على مخالفة ذلك كما فعلت بالنسبة إلى حالة عدم عرض تلك المراسیم على البرلمان في أول انعقاد لھ وحالة عدم إقرارھا من أحد المجلسین وأما القول ببطلان ھذا المرسوم لمساسھ بما كفلھ الدستور من حریة الرأي والعقیدة فلا وجھ لھ - ذلك بأن المادة 14 من الدستور إذ نصت على أن حریة الرأي مكفولة فقد أعقبت ذلك بأن الأعراب عن الفكر بالقول أو الكتابة أو بالتصویر أو بغیر ذلك یكون في حدود القانون ذلك لأن حریة الإعراب عن الفكر شأنھا كشأن ممارسة سائر الحریات لا یمكن قیامھا بالنسبة إلى جمیع الأفراد إلا في حدود احترام كل منھم لحریات غیره. وإذن فإن من شأن المشرع بل من واجبھ بمقتضى الدستور أن یعین تلك الحدود حتى لا یكون من وراء استعمال ھذه الحریات الاعتداء على حریات الغیر. لما كان ذلك وكانت أحكام المرسوم السالف الذكر لا تمس حریة الرأي ولا تتجاوز ممارسة الفرد لحریة التعبیر عن فكره ووضع الحدود التي تضمن عدم المساس بحریات غیره فإن ما یثیره الطاعن في ھذا الشأن لا یكون لھ محل. . وحیث إنھ لما تقدم جمیعھ یكون الطعن على غیر أساس ویتعین رفضھ موضوعاً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق