الأحد، 22 أبريل 2018

أحكام النقض الحديثة فى القتل العمد مع سبق الإصرار


أحكام النقض الحديثة فى القتل العمد مع سبق الإصرار

لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار لدى الطاعن في قوله : " وكان اليقين مما هو ثابت بالواقعة كما بينتها المحكمة أن نية القتل متغلغلة في نفس المتهم تموج في جوانحه معقودة برسوخ فيها يدل على ثبوتها من الأوراق وما شهد به شهود الإثبات أن المتهم داهم المجنى عليهم بمكان الواقعة للثأر لمقتل أخيه ياسر من قاتله ...... بعد أن علم بهربه من السجن الذى سيق إليه بتهمة قتله وظن إفلاته من العقاب عن قتله وتسلح المتهم بسلاح نارى قاتل بطبيعته ومبادأته إذ حاصر المجنى عليهم بالغرفة مكان جلوسهم بالسعى لإطلاق النار صوبهم جميعاً وإصراره على ذلك طول فترة بقائه بسلاحه مهيمناً عليهم وإلحاحه بالسؤال عمن يدعى ...... للثأر منه معهم لدى تكرار إطلاقه للنار من سلاحه النارى ـــــ الطبنجة المضبوطة ـــــ وهيئته في الاعتداء إذ وقف موجهاً سلاحه النارى صوبهم ممسكاً بكلتا يديه وهم جلوس ولم ينصرف عنهم إلا بعد إصابة المجنى عليه ......وسقوطه أرضاً إذ اعتقد أنه المطلوب أصلاً للثأر ولم يكن يعرف شخصه وأنه أصيب إصابة قاتلة وفى اجتماع تلك المظاهر الخارجية ما تستنبط منه المحكمة بارتياح وطمأنينة ثبوت نية القتل لدى المتهم ، وأما عن سبق الإصرار وبما يستفاد من نص المادة 231 من قانون العقوبات أنه حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني على ارتكاب جريمته بعد إعمال فكره بشأنها وتدبر أمر ارتكابها في روية وهدوء بال تنتهى إلى التصميم على ارتكابها وفق التدبير الذى أعده واقتنع به وهو يستنتج من ظروف الدعوى وملابساتها . لما كان ذلك ، وكان سبق الإصرار ثابت في حق المتهم مما هو ثابت بالأوراق وما شهد به شهود الإثبات من أنه إذا علم بهرب المدعو ...... من السجن الذى سيق إليه باتهام أنه قتل شقيقه ...... وظن أنه قتله عقاباً له عما اقترف من قبل والثأر منه وأعد خطة بلوغ مأربه فأعد سلاحاً نارياً قاتلاً بطبيعته ــــالطنبجة المضبوطة ـــــ واستأنس بالفوضى العارمة والانفلات الأمنى الذى صاحب الأحداث سالفة البيان وصمم على ما انعقد عليه عزمه وترسخ في نيته لتنفيذ خطته وبلوغ غايته الآثمة فخرج يقصد منزل غريمه بعد أن أرخى المساء أستاره شتاء فى......على عقيدة أن غريمه لابد عاد لمنزله فينقض عليه وينال منه وداهم المنزل وقد كان بابه مفتوحاً فأطبق على الجالسين بغرفة بمدخله وهم المجنى عليهم ووجه شرور اعتدائه إليهم جميعاً لقتلهم ومنهم قاتل شقيقه من الثأر لمقتله " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما سلف يكفى في استظهار توافر نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من النعى يكون في غير محله . 

(الدوائر الجنائية9592 / 81 بتاريخ 21-11-2012)

لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه :- " أن خلافاً شجر بين المتهم ووالده المجنى عليه إذ دأب الأخير على إساءة معاملته هو وأشقائه ووالدته مما أثار حفيظة المتهم فأصر على التخلص من والده وانتهز فرصة نومه بمفرده في حجرته الخاصة لمبيته فاقتحمها حاملاً بيده عصا وسكين بجيبه قاصداً قتله أثناء نومه فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته ثم قام بمحاولة التخلص من الجثة بإحراقها إلا أنه خشى افتضاح أمره فقام بالتخلص منها بإلقائها عارية بمصرف العامية أمام مسكنه ". وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال وتحريات شاهد الإثبات ـ ضابط المباحث ـ ومن اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وبجلستى المحاكمة، ومن تقرير الصفة التشريحية . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بهما والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم ـ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ـ كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن النعى بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له.
(الدوائر الجنائية122 / 81 بتاريخ 18-11-2012)

لما كان الحكم قد عرض إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله : " فهو ثابت في حق المتهمين مما شهد به شاهدى الإثبات من أن المتهمين قد اتفقا على سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائى وأنه في حالة مقاومة قائد التوك توك لهما وعدم امتثاله إيذاءه وإن تطلب الأمر قتله وقد قام المتهمين بالفعل بتنفيذ ما انتويا عليه من قبل أنه قاما باصطياد ضحيتهما ولدى مقاومته لهما قاما بخنقه بحبل ستارة التوك توك وألقيا بجثته في البحر ولم يغادرا المكان إلا بعد تنفيذهما لجريمتهما وهما هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير هادئ ومتأنى وتصميم محكم على تنفيذ ما انتوياه وهو مما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما هو معروف قانوناً ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين عقب قتلهما للمجنى عليه وسرقة التوك توك بما يحقق في جانبهما جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار" ، لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون ، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته إلا ترديداً لوقائع الدعوى كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التى تقوم بنفس الجاني والتى يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التى تكشف عنها ، مما كان ينبغى على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين ، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقيناً ، ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن المحكوم عليهما فكرا في سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائى وصمما على ذلك ، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حقهما لا ينعطف أثره حتماً إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين ، ولا يجزئ في ذلك ما تساند إليه الحكم من ثبوت ظرف سبق الإصرار ـ ذلك أنه ــــ وحسب ما سجله في مدوناته ــــ جعل أساس اقتناعه في هذا الخصوص ما قال به شاهدى الإثبات بما أسفرت عنه تحرياتهما ، دون أن يورد ابتداء الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذلك ، حال أن المقرر بحسب ما استقر عليه قضاء النقض ، أنه لئن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة بعناصرها ، فإن تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار في جريمة القتل العمد يكون غير سائغ وقاصراً عن حمل قضائه . 
(الدوائر الجنائية3585 / 81 بتاريخ 7-11-2012)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق